الأحد، 26 أغسطس 2012


اصبح بيننا وبين المحبة والفضيلة والأخلاق جدارا سميكا من الزجاج الشفاف ، نعرفهم جميعا ولكننا لا نستطيع ان نصل اليهم  نقص ونحكى ونروى عنهم ولكننا لا نعيشهم  
فنحن كمصريين خاصة وكعرب عامة ، نحب ان ننظر الى ما يرتديه الاخرين ولا نرى ما نرتديه نحن ، نحب ان نتفرس فى وجوه الأخرين اما وجوهنا فلم نفكر مرة ان نعرفها ، نحب ان نفتش وننقب حتى نجد  اقذار الأخرين ، ونتمتع ونحن نشتم رائحة القذارة ، معلنين على الملاء أنها أقذر ما تكون، حتى وان لم تك كذلك  
اما عن اقذارنا ، فلا نراها ، ولو رأيناها ، لدفناها ، ولو فكر آخر أن يسأل أو يستفسر عن أقذارنا ، لفتحنا له قبورنا ، لا لكى نتطهر من أقذارنا التى عرفها الغير ، وانما لكى ننتقم من أى أنسان حاول أن يسأل او يعرف ما يسئ الينا ، بجعله يرى ويشْتَم ويعرف كم تكون نتانة قبورنا وكم تكون قذارة حلوقنا وكم تكون عفونة لساننا، نعم سندخله بين حَجَرى رُحانا ، فنطحنه ونحوله الى بذور الشر ، التى نأخذها ، ونزرعها فى بستان الدم ، الذى نرويه بالحقد والكره والغل ، نرويه بالدم ، فنحصد منه سيوفا من نار ، نغمدها فى جسد الفضيله ، فى فؤاد المحبة ، نغرسها فى جدار الأخلاق وأرض الأمان .
نفعل ذلك ونحن متناسيين ، ان هذه السيوف التى غرسناها فى جسد الأخلاق والمبادئ والقيم ، سف ترتد الى صدورنا ، فتمزق فينا أولادنا ، تمزق فينا أيامنا ، هذه السيوف سوف تحرقنا  وتحولنا الى رماد تزريه الريح ، ولن يبقى منا سوى بستان الدم ، الذى روينا بذوره بجثث  الذين قتلناهم بعنادنا وجهلنا وحقارة كلمات أفواهنا ، قتلناهم ليس لعيب فيهم ، ولكن لعورة فى نفوسنا وأجسادنا وعقولنا ، قتلناهم لنثبت لأنفسنا اننا المؤمنين وهم الفاسقين ، قتلناهم لكى نستر عورات عقولنا وقصور حجتنا ، قتلناهم لنخرسهم الى الأبد ، لكى لا يسألوا عن سبب قذارتنا ، قتلناهم لكى نثبت للأيام اننا مجرد حبات سوداء فى عقد تعانقه رياح الشر وتتزين به صخرة غرست فى وادى ظل الموت 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق