اصبح بيننا وبين المحبة والفضيلة والأخلاق جدارا سميكا
من الزجاج الشفاف ، نعرفهم جميعا ولكننا لا نستطيع ان نصل اليهم نقص ونحكى ونروى عنهم ولكننا لا نعيشهم
فنحن كمصريين خاصة وكعرب عامة ، نحب ان ننظر الى ما
يرتديه الاخرين ولا نرى ما نرتديه نحن ، نحب ان نتفرس فى وجوه الأخرين اما وجوهنا فلم
نفكر مرة ان نعرفها ، نحب ان نفتش وننقب حتى نجد
اقذار الأخرين ، ونتمتع ونحن نشتم رائحة القذارة ، معلنين على الملاء أنها أقذر ما تكون، حتى وان لم تك كذلك
اما عن اقذارنا ، فلا نراها ، ولو رأيناها ، لدفناها
، ولو فكر آخر أن يسأل أو يستفسر عن أقذارنا ، لفتحنا له قبورنا ، لا لكى نتطهر من
أقذارنا التى عرفها الغير ، وانما لكى ننتقم من أى أنسان حاول أن يسأل او يعرف ما يسئ
الينا ، بجعله يرى ويشْتَم ويعرف كم تكون نتانة قبورنا وكم تكون قذارة حلوقنا وكم تكون
عفونة لساننا، نعم سندخله بين حَجَرى رُحانا ، فنطحنه ونحوله الى بذور الشر ، التى
نأخذها ، ونزرعها فى بستان الدم ، الذى نرويه بالحقد والكره والغل ، نرويه بالدم ،
فنحصد منه سيوفا من نار ، نغمدها فى جسد الفضيله ، فى فؤاد المحبة ، نغرسها فى
جدار الأخلاق وأرض الأمان .
نفعل ذلك ونحن متناسيين ، ان هذه السيوف التى
غرسناها فى جسد الأخلاق والمبادئ والقيم ، سف ترتد الى صدورنا ، فتمزق فينا
أولادنا ، تمزق فينا أيامنا ، هذه السيوف سوف تحرقنا وتحولنا الى رماد تزريه الريح ، ولن يبقى منا
سوى بستان الدم ، الذى روينا بذوره بجثث
الذين قتلناهم بعنادنا وجهلنا وحقارة كلمات أفواهنا ، قتلناهم ليس لعيب
فيهم ، ولكن لعورة فى نفوسنا وأجسادنا وعقولنا ، قتلناهم لنثبت لأنفسنا اننا
المؤمنين وهم الفاسقين ، قتلناهم لكى نستر عورات عقولنا وقصور حجتنا ، قتلناهم
لنخرسهم الى الأبد ، لكى لا يسألوا عن سبب قذارتنا ، قتلناهم لكى نثبت للأيام اننا
مجرد حبات سوداء فى عقد تعانقه رياح الشر وتتزين به صخرة غرست فى وادى ظل الموت
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق